كتب محمد برّاش من سجن 'أيشل' الاسرائيلي لا تقل لأمي بأني صرت أعمى، هي تراني وأنا لا أراها، ابتسم وأتحايلُ عليها على شبك الزيارة عندما تريد أن تريني صور إخوتي وأصدقائي وجيران الحارة، فهي لا تعرف أني أصبحت كفيفا بعد أن دب المرض في عينيّ حتى غزت العتمة كل جسدي. لا تقل لها بأني انتظر عمليةُ جراحية لزراعة القرنية منذ سنوات، ولكن إدارة السجن تماطل ثم تم......اطل وتستدعي الى عيني كل أ...سباب الرحيل عن النهار. لا تقل لها بان شظايا الرصاص والقذائف التي أصبت بها لا زالت تطرز جسدي، وان قدمي اليسرى قد بترت واستبدلت بقدم بلاستيكية، أما اليمنى فقد تعفنت وجفت من الماء والحياة. لا تقل لأمي عن تحرر إحساس الأسير من عناصر التكوين الأولى، محكوما برؤيا الحديد والرماد، فلا أبيض يشُع، ولا فرسا تسرج الصمت أملا يطيل الرجاء. قل لها: بأني حيّ وسليم، أرى وأمشي وأركض والعب وأقفز وأكتب وأقرأ، حاملا وجعي على عكازتي، وأرى شقيقي الشهيد قمرا يفرش السماء ويناديني بقوة البرق والرعد والسحاب.